الأحد، 1 يونيو 2008

الشيخ علي جمعة: هدف الحوار هو التعايش السلمي


الشيخ علي جمعة: هدف الحوار هو التعايش السلمي وتحقيق السلام والتعاون ورفاهية الإنسان وحرية العقيدة

مفتي الديار المصرية لـ الشرق الاوسط : نريد أن تنشأ الأجيال وتربى على الحقائق وليس على الأوهام


سراييفو: «الشرق الأوسط»
زار فضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة البوسنة بدعوة من المشيخة الاسلامية لحضور احتفال الإشهار الرسمي لمجلس الفتوى في البوسنة، وأصدر مع رئيس الجمعية الاسلامية في البوسنة (المشيخة) الدكتور مصطفى تسيريتش بيانا مشتركا حول ما يجري في العالم ولاسيما في الشرق الإسلامي، كما ألقى عدة محاضرات، وقد التقى بحشد من البوسنيين في نهاية الزيارة، حيث أجاب على عدد من الاسئلة حول بعض الفتاوى التي أثارت جدلا وردود أفعال مختلفة في مصر وخارجها، ولاسيما قضية التماثيل، كما جدد تأييده للمقاومة في فلسطين والمقاومة العراقية.

وعن زيارته للبوسنة قال «هذه أول زيارة شخصية لي لدولة البوسنة والهرسك، كما هي أول زيارة لمسؤول في المؤسسة الدينية في مصر لهذه البلاد، ونحن سعداء بهذه الزيارة لإنشاء جسور التعاون بين رئاسة المسلمين في البوسنة والهرسك والمؤسسات الدينية في العالم ولا سيما في العالم الاسلامي». وتابع «نحن نتوخى من هذا العمل فتح باب الحوار بين الثقافات المختلفة والأديان، وهدف الحوار هو التعايش السلمي، وكيف يفهم الواحد منا الآخر، وكيف ننطلق من المشترك بيننا جميعا، من أجل تحقيق هذا التعايش، من أجل تحقيق السلام من أجل تحقيق التعاون ورفاهية الإنسان، وحرية العقيدة وعدم ازدراء الأديان». وعبر عن ألمه لما جرى للمسلمين من مذابح على يد الصرب والكروات نهاية القرن الماضي حيث زار سريبرينتسا التي قتل فيها أكثر من 10 آلاف من المسلمين خلال ثلاثة ايام في يوليو 1995 ، ومقبرة الشهداء في بلوتتشاري «كانت مذبحة بشعة راح ضحيتها آلاف المسلمين في مسلسل الابادة الجماعية التي تعرضوا لها». وقال «قلوبنا يملأها الحزن، منذ زيارة مقبرة الشهداء التي تضم رفات ضحايا الإبادة، لكن مع التجربة البوسنية في تجاوز الازمات والمحن، والعمل على عدم تكرار هذا في أي مكان في العالم، ونحن ندعو المجتمع الدولي إلى التأكيد على معاقبة الذين ارتكبوا هذه الفظائع من أجل عدم تكرارها وليس من أجل الانتقام أو القصاص فقط». وقال «نحن لا نريد أن ننتقم لان ديننا مبني على العفو والتسامح والصفح ولكن التسامح الذي يمنع من تكرار هذه الجرائم والمذابح، وهذا يتأتى بإقرار العقوبة».

> هل البوسنة التي رأيتموها هي التي كانت في ذهنكم قبل وصولكم إلى سراييفو والمناطق التي زرتموها؟

ـ تجاوزت البوسنة محنتها، وبعد أكثر من 10 سنوات من الحرب، فإننا نرى بوسنة أخرى، أكثر تطورا، وأكثر عمرانا. > التقيتم الرئيس البوسني سليمان تيهيتش ورئيس العلماء الدكتور مصطفى تسيريتش، ما الذي لمستموه في هذين اللقاءين؟

ـ لمست في لقائي بالرئيس سليمان تيهيتش والدكتور مصطفى تسيريتش رغبة في إعمار بلدهما، ويريدان أن ينطلقا بها نحو السلام، وهذا الذي لمسناه. > أغلب وسائل الاعلام في الغرب لا تزال تصف عمليات مقاومة الاحتلال على انها ارهاب إسلامي، ما هو دوركم كدعاة للحوار مع الآخر، وحوار الحضارات، وهل مثل هذا الخطأ بتعبيركم يساعد على الحوار؟

ـ يمكنني أن أوضح الصورة الحقيقية، وأن أبين لهم أنه ليس هناك ارهاب إسلامي، وأن الإسلام ليس دين إرهاب، أما لو انعزلت عنهم، ولم أحاورهم فإنهم لن يعرفوا الحقيقة التي بسبب جهلهم وصفوا ما يجري بأنه ارهاب اسلامي وتكلموا بهذه اللغة. وأنا لا أؤيد نظرية المؤامرة، ولكن هناك ما يسمى بمحاولات التأثير على الرأي العام للانقياد للخيارات البديلة، أو ما يسمى «دوميستريشن إيفيكت»، عندما يعرض أحدهم شيئا يتأثر الآخر به، هذا تأثير العرض، هو السبب. مع عدم المعرفة بحقيقة الاسلام يحدث الاعتداء اللفظي والإعلامي وغيره على الإسلام والمسلمين. ولا يعني هذا أنه لا يوجد من يحارب الإسلام، ويعتبره عدوا ولكنهم قلة، وينبغي علينا أن نواجههم ونقول لا يوجد صراع حضارات وإنما حوار حضارات، ونؤكد هذا بالفعل، يوجد اليمين المتطرف، يوجد النازيون الجدد، وكل أنواع البشر، ولكن يجب أن لا نستسلم للتطرف الموجه ضد الاسلام والمسلمين. > في خضم الأحداث الجارية والمتسارعة يتساءل الكثير من المسلمين في مشارق الارض ومغاربها عن دور الأزهر، ويعتقدون أن الأزهر غائب عن الاحداث، بماذا تفسرون ذلك؟

ـ الأزهر مؤسسة عريقة، منذ ألف عام، وقد كان عندنا منذ 40 سنة 5 معاهد ارتقت إلى 10، الآن عندنا 7500 معهد، وكان عندنا 3 كليات، الآن عندنا 72 كلية، وكان طلبة الازهر لا يتجاوزون 4500 الآن نصف مليون. أي أكبر من جامعة هارفارد مرتين، أكبر من جامعة أكسفورد، الأزهر موجود، وسيظل موجودا ولكن نتعامل مع عالم متغير ونريد المزيد من العمل والمزيد من الأدوار والتأثير والإشعاع، الأزهر يقوم بدوره ونسعى للمزيد من التطوير ولكن من الظلم أن نقول إن الازهر لا يقوم بدوره، بل يجب القول إن الأزهر يقوم بدوره ونطالب بالمزيد من الجهود والجهود والعمل.

> انتقدتم في وقت سابق دور الامم المتحدة، حيال قضايا المسلمين ولا سيما في فلسطين وعدد من الاقطار التي يمثل المسلمون فيها الأغلبية، أو هم أقلية في غيرها من البلدان، كيف تقرأون الأوضاع هناك؟

ـ نحن ندعو الأمم المتحدة والجهات الدولية المختلفة للتعامل مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني بالعدل والإنصاف، فلا يمكن معاقبة دول لأنها غير ديمقراطية ومعاقبة الشعب الفلسطيني لانه مارس الديمقراطية التي يدعون إليها. البعض يقول إن العدل مسألة نسبية ولا نريد أن نكون عادلين، وأن العدل هو القوة، بطريقة أخرى يقولون إن الضعيف فقط من يطالب بالعدل، وهذا المذهب غير اخلاقي ومدمر للبشرية، ونحن نقول العدل عدل والإنصاف إنصاف، ويجب أن نكون منصفين في تناولنا للقضايا. > هل ما زلتم تؤيدون المقاومة في فلسطين والمقاومة العراقية، حيث صدرت عنكم فتاوى تؤيد ذلك في السابق، هل ما زلتم على هذا الرأي؟

ـ هذه الأوضاع يجب أن نعاملها بإنصاف، لا ينبغي التعجل في الحكم على من يكافح من أجل تحرير وطنه على انه إرهابي، ومن حقي وواجبي بحكم مسؤوليتي أن أقول هذا. وأنا أطالب بالإنصاف في معالجة القضايا وهذا الذي صدر مني. وموقفي واحد لم يتغير.

> ما رأيكم بزواج المسيار؟

ـ الزواج له أركان، فإذا توفرت الأركان فهو حلال. وإذا لم تتوفر الأركان فهو باطل. وهذه التسمية تطلق أحيانا على زواج يعتبر صحيحا، فهو مستوف للأركان، والبعض يطلقها على زواج غير صحيح لأنه لم يستوف أركانه. > هل تتحفظون على زواج المسيار؟

ـ لا.

> توافقون عليه؟

ـ لا أيضا.

> إذن..؟

ـ بين نعم ولا مراحل كثيرة، وبين الأسود والأبيض مراحل كثيرة أيضا، ليس لي علاقة بالاسم، فانا أريد زواجا يستوفي الاركان الشرعية، سواء سميته المسيار أو غيره. فلو فرضنا أن قلت إنه صحيح، وهو في ذهن البعض زواج السر، فلا يكون صحيحا، ونسقط في عمى المصطلحات، أنا أريد الرجوع إلى أصل الشريعة لأن الزواج له أركان، من استوفاها كان زواجه صحيحا. > كلمة أخيرة ؟

ـ «اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون».

الشرق الاوسط 6 يوليو 2006

ليست هناك تعليقات: